اللامركزية من أجل الديمقراطية : قانون الجماعات المحلية

اللامركزية من أجل الديمقراطية : قانون الجماعات المحلية

اللامركزية من أجل الديمقراطية : قانون الجماعات المحلية

Auteur: Néji BACCOUCHE

بالرغم‭ ‬من‭ ‬عيوبها،‭ ‬تمثل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أقلّ‭ ‬الحلول‭ ‬سوءا‭ ‬لحكم‭ ‬الشعوب‭. ‬وثبت‭ ‬أنّه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬النظام‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬تمكّن‭ ‬اللّامركزية‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬الحكّام‭ ‬وبقية‭ ‬المواطنين‭ ‬وتدفع‭ ‬نحو‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬والحقوقي‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬المناطق‭ ‬الترابية‭. ‬وبذلك‭ ‬تحلّ‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬محلّ‭ ‬الخوف‭ ‬والشوكة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يضمنها‭ ‬السّيف‭ ‬وبطش‭ ‬الحاكم‭. ‬

الخوف‭ ‬كلّ‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها‭ ‬وأوصلت‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬الوهن‭ ‬لأنّ‭ ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬فضائل‭ ‬الإصلاحات‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬تحقّقت‭ ‬غداة‭ ‬الاستقلال،‭ ‬أفقدت‭ ‬المركزية‭ ‬مُسيّري‭ ‬الدولة‭ ‬المصداقية‭ ‬لأنّها‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬الانحرافات‭ ‬والزبونية‭ ‬وانتهاكات‭ ‬الحقوق‭ ‬ولأنّها‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬مشاغل‭ ‬المواطن‭ ‬المحلّي‭.‬‭   ‬

ولا‭ ‬خوف‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬اللامركزية‭ ‬لأن‭ ‬التقسيم‭ ‬الترابي‭ ‬لجماعات‭ ‬هو‭ ‬تقسيم‭ ‬وظيفي‭ ‬فرضته‭ ‬الدولة‭ ‬ولا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬هويّات‭ ‬محلّية‭. ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬الحراك‭ ‬الديمغرافي‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬التعليم‭ ‬الموحّد‭ ‬والهجرة‭ ‬الداخلية‭ ‬أضعف‭ ‬الانتماء‭ ‬المحلّي‭. ‬الدولة‭ ‬تحتاج‭ ‬للّامركزية‭ ‬لتأصيل‭ ‬المواطنة‭ ‬وطنيا‭ ‬ومحلّيا‭ ‬وتحتاج‭ ‬للجماعات‭ ‬للانتعاش‭ ‬مجدّدا‭ ‬لتستعيد‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬كسبتها‭ ‬غداة‭ ‬الاستقلال‭. ‬إنّ‭ ‬قُوّة‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أصبحت‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬قُوّة‭ ‬مؤسساتها‭ ‬اللّامركزية‭ ‬وفي‭ ‬نجاعة‭ ‬تنظيماتها‭ ‬الوسيطة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عنها‭ ‬لأنّها‭ ‬تراقب‭ ‬التصرّف‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬وفقا‭ ‬للقانون‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬كُره‭ ‬الخصوم‭ ‬وتحويله‭ ‬لبراهين‭ ‬لإقناع‭ ‬الناخبين‭. ‬

مسار‭ ‬اللامركزية‭ ‬مليء‭ ‬بالعثرات‭ ‬قد‭ ‬ينجح‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬تعطيله،‭ ‬ولكنّه‭ ‬توجّه‭ ‬حتمي‭ ‬لأن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتعميم‭ ‬الحقوق‭ ‬والحرّيات‭ ‬والتنمية‭ ‬توجّه‭ ‬كوني‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بالإمكان‭ ‬الحياد‭ ‬عنه‭ ‬بتعلّة‭ ‬الاستثناء‭ ‬الوطني‭ ‬خاصّة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬حكامها‭ ‬مواردا‭ ‬لشراء‭ ‬السّلم‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وكلّ‭ ‬تأجيل‭ ‬للّامركزية‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬رفض‭ ‬مقنّع‭ ‬للديمقراطية‭ ‬ومؤسّساتها‭. ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬تأبيد‭ ‬للحكم‭ ‬المطلق‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬المواطنة‭ ‬فيتواصل‭ ‬تعويل‭ ‬الجماعات‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬ذاتية‭ ‬وموارد‭ ‬بشرية‭ ‬تكفل‭ ‬استقلاليتها‭.   ‬

‭ ‬

Détails

  • ISBN:
  • Année: 2022
  • Lien Téléchargement: Télécharger le lien
  • Edition: مجمع الأطرش
  • Format:
  • Nombre de page:
  • Langue: العربية
  • Genre:
  • Sujet: